[ الشرك بالله معصية لا تجدي معها طاعة ، و منقصة لا يجزي عنها كمال ، وضَعةٌ لا يقوم منها عز ، و سفه لا ترشد منه نفس ، ولولا الجهل ما نجم له قرن ، و لولا الوهم ما حيي له عود ، و لولا العادة ما امتد له عرق ، فهو شجرة خبيثة ثراها الجهالة ، و سقياها الخيال ، و عروقها الاعتياد ، و جناها نار حفت بالشهوات ، و عار ستر بالترهات ، فلا كان الجهل القبيح ، ولا كانت العادة الضارة ، ولا كان الوهم الضال ، ولا كان الشرك و مساويه .
و إن كنت باحثاً في علل انحطاط الأمم ؛ فلن تجد كالشرك أدل على ظلمة القلوب وسفه الأحلام وفساد الأخلاق ، ولن تجد كهذه النقائص أضر بالاتحاد و أدر للفوضى و أضل للشعوب .
وإن كنت باحثاً عن أسباب الرقي ؛ فلن تجد كالتوحيد أطهر للقلوب وأرشد للعقول ، وأقوم للأخلاق ، وأحفظ للحياة ، وأضمن للسيادة ، و أقوى على حمل منار المدنية الطاهرة .
و إن نظرة على حياة العرب قبل البعثة ، لتؤيد ما أضفناه للشرك من علل و نتائج ، و إن وقفة على حياتهم بعد البعثة لتبعث على التصديق بما أنطناه بالتوحيد من أسباب وثمرات ، وإن تلك النظرة و هاته الوقفة لتبين سبب عز المسلمين و منعتهم بعد عصر النبوة !!! .
وكل من قارن بين حياتنا اليوم وحياة المشركين بالأمس ؛ استيقن أن وسائل الشرك قد وجدت في المسلمين منذ أمد ، وأن نتائجه قد ظهرت عليهم ، فلا تخفى على أحد ... ]
من مهذب رسالة الشرك ومظاهرة للعلامة مبارك الميلي تهذيب الشيخ سعد الحصين صفحة 28 ، القاهرة ، دار الإمام أحمد ط1، 1426هـ / 2005 م