جزاكم الله خيراً ... إجمالاً على هذا الموضوع ..
ولعلكي توسعي صدرك لما سأقول .. إذ إن دعوتنا هي دعوة الأنبياء ، إذ أفنوا حياتهم دعوة للتوحيد و محاربة للشرك ، وعلى أساس دعوة التوحيد وعلى كلمة التوحيد تجتمع الأمة !! فكلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة - كما يقال - !! و إلا فلا يمكن أن تجتمع الأمة - غثاء كغثاء السيل - !! أولف و ملايين !! على شعارات و كلمات !! دون الالتفات إلى الجوهر و إلى اللب !!
فهذا الشعار :
- اقتباس :
- (نجمعُ ولا نفرق. نبني ولا نهدمُ. نتعاونُ فيما اتفقنا عليه ويعذرُ بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه).
يتناقض وروح الإسلام بلا شك !!
فإن الإسلام لا يطلب - بحال - !! أن يجتمع الرافضي و المعتزلي و العقلاني و من ثم السني معاً !!
ولا يجتمع ( العلماني ) و ( الإشتراكي ) !! و ( النصراني ) !! أو ( اليهودي ) !!
على طاولة واحدة ثم نقول أن الجميع إخوة في الإنسانية !!
لإن قاعدة كهذه !! تدمر عقيدة ( الولاء و البراء ) ! بدون شك أو مراء ..
إن فكرة كهذه تضاد عقيدة الولاء و البراء من كل وجه !! عقيدة الولاء و البراء التي سنها الرب تبارك في علاه .. كي تحافظ الأمة على تميزها و رونقها و حدودها كي تبقى خالصة من أي شوائب تدخل حدها من الأفكار و المعتقدات الباطلة الأخرى ...
ولو أردنا - الآن - جمع كل أثر سني - عال - ! يخالف هذه القاعدة لطال بنا المقام و طال ..
ولكنني أقول للتذكير - فحسب ! - أن القرآن الكريم اسمه الفرقان !!
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم من أوصافه ( المفرق ) !!
ففي الحديث : ( ... فجاء بفرقان فرق به بين الحق و الباطل و فرق بين الوالد و ولده حتى إن كان الرجل ليرى والده و ولده أو أخاه كافرا ) !!
وأيضاً من حديث جابر ( ... فمن أطاع محمدا صلى الله عليه وسلم فقد ، أطاع الله ، و من عصى محمدا فقد عصى الله ، و محمد فرق بين الناس ) !! انظري السلسلة الصحيحة 2823
فانظري - يا رحمك الله - إلى هذا الأثر العالي الغالي :
كان ابن عمر-رضي الله عنهما- يقول قال الرسول-صلى الله عليه وسلم-( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) فقال له ولده-أحد أولاده-: والله لنمنعهنَّ !!
فقال له ابن عمر : أقول لك قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وتقول: والله لنمنعهنَّ !! والله لا أكلمك أبدا وما كلمه حتى مات وهو يهجر هذا الولد من اولاده ما خاطبه بكلمه الى ان توفاه الله ، لأنه قابل الحديث بالاعتراض !!
وروى الدارمي بإسناده إلى أيوب قال: قال أبو قلابة: لا تجالسوا أهل الأهواءولا تجادلوهم، فاني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون. السنن(1/391)
وقال الإمام البربهاري رحمه الله تعالى: ((وإياك والنظر في الكلام والجلوس إلى أصحاب الكلام وعليك بالآثار وأهل الآثار وإياهم فاسأل ومعهم فاجلس ومنهم فاقتبس)) (شرح السنّة 83)
قال الامام أبو عثمان الصابوني المتوفى سنة 449 :
ويبغضون (أي أهل الحديث والأثر أهل اسنّة والجماعة) أهل البدع الذينأحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم ولا يجادلونهم في الدين، ولايناظرونهم، ويرونصون آذانهمعن سماعأباطيلهم التي إذا مرت بالآذان قَرّت بالآذان وقرت بالقلوب ضرّت وجرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرت، وفيه أنزل الله عز وجل قوله: (وإذَا رَأَيْتَ الَذِينَ يَخُوضُونَ في آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْره )اهـ ( عقيدة السلف ص89 )
وقال العلامة محمد صدّيق حسن خان رحمه الله تعالى: ((ومن السنة هجران أهل البدع ومباينتهم وترك الجدال والخصومات في الدين والسنة، وكل محدثة في الدين بدعة، وترك النظر في كتب المبتدعة والإصغاء إلى كلامهم في أصول الدين وفروعه، كالرافضة والخوارج والجهمية والقدرية، والمرجئة، والكرامية، والمعتزلة، فهذه فرق الضلالة وطرائق البدع )). قطف الثمر في عقيدة أهل الأثر (ص157) .
قال أبو محمد ابن ابو حاتم الرازي : وسمعت أبي وأبا زرعة يأمران بهجران أهل الزيغ والبدع يغلظان في ذلك أشد التغليظ ، وينكران وضع الكتب برأي في غير آثار ، وينهيان عن مجالسة أهل الكلام والنظر في كتب المتكلمين ، ويقولان : لا يفلح صاحب كلام أبدا ) رواه اللالكائي
فهذه الآثار العالية - و غيرها أكثر ! - تخالف هذه القاعدة !! و تضادها !! إذن إن التفرق سنة كونية و إرادة إلاهية أن تكون في هذه الأمم و الأدلة على ذلك من كتاب ربنا وسنة نبينا على هذا الأمر كثيرة ...
ولكن!! هل نترك الأمة مفرقة شذر مذر !! ونقول انها سنة كونية ؟! بالتأكيد لا !!
إذن فما الحل ؟! - و توحيد الأمة واجب - !! و تفرقها من أسباب هزيمتها وتخلفها !!
فانظري لما قاله الإمام البربهاري في ( شرح السنة) :
[ .... ومن اقتصر على سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابة والجماعة فَلَجَ أهل البدع كلها واستراح بدنه وسلم له دينه إن شاء الله لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ستفترق أمتي ) وبيّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناجي منها فقال : ( ما كنت أنا عليه اليوم و أصحابي ) فهذا هو الشفاء والبيان و الأمر الواضح والمنار المستنير ... ]
نعم توحيد الأمة لابد منه !! لكن على ماذا ؟!
و إخوة المؤمنين واجبة بلا شك !! لكن على أي شيء ؟!
و وقوف الأمة صف واحد !! جسد واحد !! كالبنيان لا بد منه ...! ولكن كيف ؟! وما السبيل ؟!
قال الإمام الأصبهاني - رحمه الله - : " وكان السبب في اتفاق أهل الحديث أنهم أخذوا الدين من الكتاب والسنة وطريق النقل ، فأورثهم الاتفاق والائتلاف ، وأهل البدعة أخذوا الدين من المعقولات والآراء فأورثهم الافتراق والاختلاف " الحجة في بيان المحجة للأصبهاني 2/226 .
وستكون صواباً لو قلنا ( ... و يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه [ بالحق ] !! )
إذ هنالك خلافاً سائغاً يجدر السكوت عليه ... - مع البحث عن القول الحق بالدليل و البرهان
قال الإمام أحمد «لا أُعَنَّفُ مَنْ قال شيئاً (( له وَجْهٌ ))!! وإنْ خَالفْنَاهُ» فلو كانت كهذه القاعدة لكان حسناً ..
و هنالك خلافاً لا يمكن السكوت عليه بحال ...! أو الإجتماع مع المخالف و التغاضي عن هذا الخلاف !
فلأجل هذا كانت هذه القاعدة بإطلاقها - هكذا ! - خطأ و غلط !!
و تذكري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أوثق عرى الإيمان الحب في الله ، و البغض في الله ) !! فهل يعقل !! أن أحب رجلاً - من أهل البدع !! - ممن يخالفني في عقيدتي ؟!
هذا النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتال الخوارج ! وقال عنهم - كلاب النار - و قال أنهم سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان !! يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم !! ولو أنه أدركهم لقتلهم قتل عاد !! - كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم - مع أنه أخبر !! أنهم من أشد الناسعبادة و صلاة بل قال أن الصحابة يحقرون صلاتهم و صيامهم مع صلاتهم و صيامهم !! إلا أن هذه الحسنات لم تشفع للقوم لأنهم خرجوا عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم و منهجه وطريقته ...
وهذا ابن عمر رضي الله عنه لما ورد له سؤالاً عن أحد القدريين قال أخبروهم أنني أنا صحابي رسول الله !! و أنني بريء منهم و أنهم برآء مني ....!!
وقبل أن تحكمي تذكري ( استدل ثم اعتقد !! ولا تعتقد ثم تستدل !! فتضل ) ..![/size]
- وفق الله الجميع لما يحب ويرضى -